من الحقائق الازليه الثابته ..ان لا حياة بلا ماء ..لم تستطيع الخلايا العيش بلا ماء .. لا نبات و لا حيوان يعيش بلا ماء..و ليس بمقدورك ان تناقش او تناقض هذه الحقيقه فملخص الامر انها من الثوابت. لا حياة بلا ماء.. الحياة الانسانيه على الارض بنت الحضارات و انشأت المجتمعات على اواصر وثيقه يجمع بين روابطها سر من اسرار الوجود فالحياة لم توجد بلا ماء و كذلك الحضارات..فما بين النهرين قامت حضارات عظيمه على هذين الاساسين الخالدين..دجلة و الفرات .. اذا نسيت كيف تصف العراق فتذكر هذين الكلمتين فالنهرين فهما روح العراق و بدونهما لن يوجد عراق.. لولاهما ما بنيت المدن..لولا دجله لما عرف احد تكريت فعلى ضفافه تجمع اول المؤسسين لتكريت في هذا الموقع الرائع الشبه متموج الذي يحتضن بين وديانه امواج الماء الهاربه في موسم الفيضان..فعلى النقيض من معظم المدن العراقيه فالفيضان لا يغزو تكريت بل يغمر اوديتها في موسم الربيع لتصبح صالحة للزراعة طوال موسم الصيف..فكان الانسان التكريتي منذ الازل الى فتره قريبه لم تتجاوز الثلاثين عاما يقتات على ما يزرعه في (الشطاطي) شواطئ تكريت المنبسطه..الذ ما قد يزرع في ارض ارتوت من دجله..تحت هذه المدينه التي اعلى الربوه سالمة من فيضانات التيار لمئات السنين...كلو من رزق ربكم و اشكرو له .ما ابسطها من حياة وما اصعب ان تعبر عنها بالحروف..فالعلاقه بين تكريت و دجله علاقة ترتقي الى مناصب لم تخطها يد انسان و لم تحكها جنية او مارد..... يمر دجله في مدن مهمه و كان اعتماد تكريت على التجاره احيانا عن طريق النهر الذي ياتي محملا بالبضائع من اعالي مجراه ..و الى وقت قريب ..لو سالت الاناس الذين عاصرو فترة الخمسينات و حتى الستينات من القرن الماضي في تكريت لو سالتهم عن الصيف فسيقولون دجله..ففي فصل الصيف يهجرون بيوتهم الى دجله فيبنون بيوت القصب البسيطه و يحرثون الارض و يزرعون المحاصيل البسيطه المرويه سيحا .. و سيحدثونك و عيونهم تحيطها الدموع عن سهرات دجله و جلسات السمر مع الاصدقاء..
ما احلاها من حياة و ابسطها من معيشه فمن سيتذكر حر الصيف و عنده دجلة الخير..كل هذا كان حاضر تكريت و جزءا من نمط الحياة..و انصافا فالشتاء لا ينسي اهل الشطاطي (شاطئ النهر) نهرهم فلا يبهرهم حرق اغصان الشجر الا على ضفافه و لا تحلو الدراسه و المطالعه الا على تلال وديانه..و لن ابالغ اذا قلت ان تكريت بلا دجله و ذكرياته ليست شيئا يذكر فالجزء الكبير من ذاكرتها الشعبيه هو على ضفافه.. والان ... وليته لم يحل ..تكاد تنسى اين دجله و انت في تكريت ..ماتت روح الانسان و ماتت معها روح المدينه.. لا اقول لك جفاء لكنه محنة وابتلاء ..فتكريت او اناسها (معظمهم) ادارو وجههم عن مخلصهم ..تناقلنا الذكريات عن الاجداد لكن لم نصنع ذكرياتنا الخاصه..ربما فقد النهر جزءا من قدسيته او فقدت المدينه جزءا من سحرها لكن...كلا.... فلا ضاقت بلاد باهلها و لكن احلام الرجال تضيق..ماتت الارواح و دفنتها الاحاسيس و تنتظر الالات لتخلصنا من حر الصيف متناسين ذكريات قصتها لنا سفوح المدينه عن اجداد كانو يقضون الصيف في العراء مستمتعين بلحظات اعمارهم الفانيه..مات الاجداد تغيرت الانفس و نسينا الذكريات و دجلة يمر ساكن الامواج قرب اراضي كانت البارحه تزهو بالحياة
هناك تعليق واحد:
اكتب رأيك او اضافتك هنا